سورة يوسف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


قوله تعالى: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} في الآيات التي رأوها وجهان:
أحدهما: قدُّ القميص وحز الأيدي.
الثاني: ما ظهر لهم من عفته وجماله حتى قلن {ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم}.
{ليسجننه حتى حين} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الحين ها هنا ستة أشهر، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: أنه سبع سنين، قاله عكرمة.
الثالث: أنه زمان غير محدود، قاله كثير من المفسرين.
وسبب حبسه بعد ظهور صِدْقه ما حكى السدي أن المرأة قالت لزوجها: إن هذا العبد العبراني قد فضحني وقال إني راودته عن نفسه، فإما أن تطلقني حتى أعتذر وإما أن تحبسه مثل ما حبستني، فحبسه.


قوله عز وجل: {ودخَلَ معه السجن فتيان} قال ابن عباس:
كان أحدهما خازن الملك على طعامه، وكان الآخر ساقي الملك على شرابه، وكان الملك وهو الملك الأكبر الوليد بن الرّيان قد اتهمهما بسمّه فحبسهما، فحكى مجاهد أنهما قالا ليوسف لما حُبسا معه: والله لقد أحببناك حين رأيناك، فقال يوسف: أنشدكما بالله أن أحببتماني فما أحبّني أحد إلا دخل عليّ من حبه بلاء، لقد أحبتني عمتي فدخل عليّ من حبها بلاء، ثم أحبني أبي فدخل عليّ من حبه بلاء، ثم أحبتني زوجة صاحبي العزيز فدخل عليّ من حبها بلاء، لا أريد أن يحبني إلا ربي.
وقال {فتيان} لأنهما كان عبدين، والعبد يسمى فتى صغيراً كان أم كبيراً.
{قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحملُ فوق رأسي خُبزاً تأكل الطير منه} وسبب قولهما ذلك ما حكاه ابن جرير الطبري أنهما سألاه عن علمه فقال: إني أعبر الرؤيا، فسألاه عن رؤياهما وفيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها كانت رؤيا صدق رأياها وسألاه عنها قال مجاهد وابن إسحاق: وكذلك صدق تأويلها. روى محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً».
الثاني: أنها كانت رؤيا كذب سألاه عنها تجربة، فلما أجابهما قالا: إنما كنا نلعب فقال {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} وهذا معنى قول ابن مسعود والسدي.
الثالث: أن المصلوب منهما كان كاذباً، والآخر صادقاً، قاله أبو مجلز.
وقوله {إني أراني أعصر خمراً} أي عنباً. وفي تسميته خمراً وجهان:
أحدهما: لأن عصيره يصير خمراً فعبر عنه بما يؤول إليه.
الثاني: أن أهل عُمان يسمون العنب خمراً، قال الضحاك. وقرأ ابن مسعود: إني أراني أعصر عنباً.
{نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} فيه ستة أقاويل:
أحدها: أنهم وصفوه بذلك لأنه كان يعود مريضهم ويعزي حزينهم ويوسع على من ضاق مكانه منهم، قاله الضحاك.
الثاني: معناه لأنه كان يأمرهم بالصبر ويعدهم بالثواب والأجر.
الثالث: إنا نراك ممن أحسن العلم. حكاه ابن جرير الطبري.
الرابع: أنه كان لا يرد عذر معتذر.
الخامس: أنه كان يقضي حق غيره ولا يقضي حق نفسه.
السادس: إنا نراك من المحسنين إن أنبأتنا بتأويل رؤيانا هذه، قاله ابن إسحاق.


قوله عز وجل {قَال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبّأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يأتيكما طعام ترزقانه في النوم إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما في اليقظة قاله السدي.
الثاني: لا يأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يصلكما لأنه كان يخبر بما غاب مثل عيسى، قاله الحسن.
الثالث: أن الملك كان من عادته إذا أراد قتل إنسان صنع له طعاماً معروفاً وأرسل به إليه، فكره يوسف تعبير رؤيا السوء قبل الإياس من صاحبها لئلا يخوفه بها فوعده بتأويلها عند وصول الطعام إليه، فلما ألحّ عليه عبرها، لئلا يخوفه بها فوعده بتأويلها عند وصول الطعام إليه، فلما ألحَّ عليه عبرها، قاله ابن جريج. وكذلك روى ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من رأى رؤيا فلا يقصها إلا على حبيب أو لبيب».
{ذلكما مما علمنى ربي} يعني تأويل الرؤيا.
{إني تركت ملة قومٍ لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون}. وإنما عدل عن تأويل ما سألاه عنه لما كان فيها من الكرامة، وأخبر بترك ملة قوم لا يؤمنون تنبيهاً لهم على ثبوته وحثاً لهم على طاعة الله.
قوله عز وجل: {ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس} قال ابن عباس: من فضل الله علينا أن جعلنا أنبياء، وعلى الناس أن بعثنا إليهم رسلاً.
ويحتمل وجهاً آخر ذلك من فضل الله علينا في أن برأنا من الزنى، وعلى الناس من أن خلصهم من مأثم القذف.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9